أزمة خريجي المعاهد المسرحية في تونس: حراك طلابي يكشف شغورات كبرى وغياب رؤية حكومية

تشهد الساحة الجامعية والثقافية في تونس حراكًا متصاعدًا يقوده خريجو وطلبة المعاهد العليا للفن المسرحي، بعد صدور بيان عن الاتحاد العام لطلبة تونس – المكتب الفيدرالي “برتولد بريشت”، سلّط الضوء على ما اعتبره «تجاهلًا ممنهجًا لمصير مئات الخريجين» الذين يواجهون بطالة ممتدة منذ سنوات رغم الحاجة المتزايدة لكفاءاتهم داخل المؤسسات التربوية والثقافية.
البيان الذي أثار ضجة واسعة طرح سؤالًا جوهريًا حول «مصير أكثر من 400 خريج منذ سنة 2016 إلى اليوم» في ظل شغورات كبرى في مادة التربية المسرحية على المستوى الوطني. واعتبر أن المؤسسات الجامعية «تحولت إلى مصانع لشهادات عاطلة بدل أن تكون فضاءات لتكوين المبدعين وصنّاع الجمال»، داعيًا وزارات التعليم العالي والتربية والشؤون الثقافية إلى تحمل مسؤولياتها في إدماج هذه الكفاءات.
وفي تصريح حصري لـ MAG TV، أكّد فواز بن كريم، ممثل طلبة المعهد العالي للفن المسرحي والناطق الرسمي باسم الحراك، أن الأزمة لم تعد قضية فردية بل «ملف وطني مؤجل منذ سنوات». وقال:
«منذ 2017 إلى اليوم، خرجت حوالي 480 كفاءة مسرحية… ومع ذلك، ما لا يقل عن 400 منهم مازالوا عاطلين عن العمل، رغم أن الشغورات في مادة التربية المسرحية تفوق 1200 منصب.»
وأشار بن كريم إلى أن عدد الخريجين السنوي «لا يتجاوز 60 طالبًا في أغلب السنوات»، وهو ما يجعل حلحلة الملف «ممكنة وغير مكلفة على الدولة»، لكن غياب الإرادة والسياسة الواضحة يحوّل الملف إلى أزمة مزمنة.
ويعتبر المتابعون أن أبرز مفارقات هذا القطاع تكمن في تواصل الفراغ داخل مراكز الفنون الركحية والدرامية، غياب المدرسين المتخصصين، وضعف برامج الإدماج الثقافي، في الوقت الذي تتزايد فيه أعداد خريجي المسرح القادرين على سد هذه الشغورات.
وأضاف بن كريم:
«مؤسسات الدولة الثقافية والتربوية تعاني نقصًا واضحًا، لكن الانتداب متوقف منذ سنوات… اليوم نسأل: لماذا تُهمَّش الكفاءات المسرحية؟ ولماذا لا يتم فتح مناظرات وطنية توفّر لهم حقهم الطبيعي في التشغيل؟»
الحراك الحالي يتجه، وفق ممثليه، نحو خطوات تصعيدية منظمة تشمل مراسلة الوزارات المعنية، المطالبة بمراجعة منظومة التكوين، والدفاع عن فتح مناظرات مهنية في وزارتي التربية والشؤون الثقافية. ويؤكد منظموه أن الطريق نحو الحل «لن يكون إلا عبر النضال السلمي والضغط المستمر».
ويختم بن كريم بالقول:
«المسألة اليوم ليست مطلبية فقط، بل قضية كرامة مهنة وثقافة وهوية. المسرح ليس ترفًا… إنه حاجة تربوية وفنية، وتغييب خريجيه هو خسارة للمدرسة وللمشهد الثقافي التونسي.»
وبين موقف الطلاب والفراغات الهيكلية داخل الوزارات، يبقى ملف خريجي المسرح معلقًا بين مطالب مشروعة ورؤية حكومية غائبة، في انتظار حلّ يعيد الاعتبار لكفاءات تشكل جزءًا أساسيًا من المشهد الثقافي الوطني.


