ثقافة و فنون

معرض مدينة تونس للكتاب: ندوات فكرية تعيد طرح الأسئلة الكبرى وفي قلبها ندوة الطاهر الحداد

تتواصل فعاليات الدورة الرابعة عشرة لمعرض مدينة تونس للكتاب من 18 ديسمبر 2025 إلى 3 جانفي 2026 بشارع الحبيب بورقيبة، تحت شعار «الكتاب وطن»، في دورة تراهن بوضوح على الندوة الفكرية كفضاء للنقاش العمومي، وإعادة قراءة الرموز الثقافية والفكرية التونسية في ضوء التحولات الراهنة.

ويُنظَّم المعرض بإشراف وزارة الشؤون الثقافية وولاية تونس، وتنظيم المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بتونس بالشراكة مع المركز التونسي للكتاب واتحاد الناشرين التونسيين والمكتبة الجهوية بتونس Considered.

الندوة الفكرية: قلب البرمجة الثقافية

تُعدّ الندوات أحد أبرز محاور هذه الدورة، حيث خُصّصت مساحة هامة للنقاش الفكري حول قضايا الهوية، الإصلاح، الثقافة، وراهنية الفكر التونسي، بمشاركة باحثين، أكاديميين، وفاعلين ثقافيين.

وتهدف هذه الندوات إلى تجاوز الطابع الاحتفالي للمعارض، نحو تحويل المعرض إلى منبر تفكير جماعي، يعيد للكتاب دوره كمحرّك للأسئلة لا مجرد منتج ثقافي.

ندوة الطاهر الحداد: فكر إصلاحي لا يزال حيًّا

وتحتل ندوة الطاهر الحداد مكانة مركزية في برمجة المعرض، باعتبارها لحظة تفكير في أحد أبرز رموز الإصلاح الفكري والاجتماعي في تونس. فقد شكّلت الندوة مناسبة لإعادة قراءة مشروع الطاهر الحداد، لا بوصفه إرثًا تاريخيًا فقط، بل فكرًا حيًّا لا يزال يطرح أسئلته بقوة في سياقنا المعاصر.

وتطرّق المتدخلون إلى جرأة الحداد الفكرية، ونقده للبُنى التقليدية، ودوره الريادي في الدفاع عن حقوق المرأة والعدالة الاجتماعية، مؤكدين أن أفكاره ما تزال تصطدم بنفس الأسئلة التي واجهها في زمنه.

«الطاهر الحداد لم يكن سابقًا لعصره فقط، بل لا يزال معاصرًا لنا إلى اليوم»

«فكر الحداد يضعنا أمام سؤال الإصلاح الحقيقي: هل هو شجاعة فكر أم استعداد مجتمعي للتغيير؟»

«استعادة الطاهر الحداد اليوم ليست فعل حنين، بل ضرورة فكرية في زمن الارتداد عن القيم التقدمية»

ندوات أخرى: تنوّع في المحاور وتقاطعات فكرية

إلى جانب ندوة الطاهر الحداد، يتضمّن البرنامج سلسلة من الندوات التي تتناول قضايا الأدب، النشر، ثقافة الطفل، والكتابة النسوية، إضافة إلى لقاءات فكرية تجمع بين الكتّاب والجمهور في فضاء مفتوح، يعيد الاعتبار للنقاش العمومي داخل المدينة.

ويعكس هذا التنوّع حرص القائمين على المعرض على خلق توازن بين الفكر، الإبداع، والجمهور الواسع، في مقاربة ثقافية تسعى إلى دمقرطة النقاش الثقافي.

الطفولة والكتاب: إبداع مبكر وحضور فاعل

وفي بعده التربوي، يحتفي المعرض بثقافة الطفل من خلال مشاركة المكتبة العمومية محمود المسعدي بوعرادة، التي قدّمت نتاج ورشة الكتابة «أشبال الحكايا»، بإشراف الكاتب والدكتور رياض جراد، ومرفوقة برسومات الفنان رؤوف البوغانمي.

كما شهدت فعاليات المعرض قراءات حيّة للكاتبتين آية الرياحي ومرام الوسلاتي، في احتفاء خاص بصوت الطفولة المبدعة، وتكريس حضورها داخل فضاء الكتاب.

«الطفل ليس قارئ المستقبل فقط، بل مبدع الحاضر»

أرقام ودلالات

تشارك في هذه الدورة 80 دار نشر تونسية، مع توفير حوالي 35 ألف عنوان، وحضور 130 مبدعة ومبدعًا، ما يجعل المعرض مرآة حقيقية لحركية المشهد الثقافي التونسي، رغم التحديات التي يواجهها قطاع النشر والقراءة.

«الكتاب وطن»: شعار يفتح النقاش

يحمل شعار الدورة «الكتاب وطن» بعدًا رمزيًا عميقًا، حيث يُطرح الكتاب كفضاء جامع، وملاذ للذاكرة والهوية، في زمن تتسارع فيه التحولات الرقمية وتتراجع فيه العلاقة بالقراءة.

«حين يضيق الوطن، يتّسع الكتاب»

شارع بورقيبة: الثقافة في الفضاء العام

من خلال تنظيمه في قلب العاصمة، يؤكد معرض مدينة تونس للكتاب رهانه على الفضاء العام كحاضن للفعل الثقافي، وكوسيلة للاقتراب من جمهور أوسع، خارج القاعات المغلقة والنخب المحدودة.

مقالات ذات صلة

Comments (0)

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى