التناقض الصارخ بين القوانين وواقع المهمشين في تونس

مقال رأي: بقلم محمد علي قيزة الأمين العام للكنفدرالية العامة التونسية للشغل
في الوقت الذي يصوت فيه مجلس النواب على إلغاء نظام “مناولة اليد العاملة” في القطاع العام، تظل عشرات الحالات المهمشة تنتظر حلولاً عادلة لوضعيتها المهنية والاجتماعية. فبينما تُتخذ قرارات تشريعية تهدف إلى إصلاح سوق العمل، نجد على الأرض أوضاعاً إنسانية صعبة تعكس فجوة عميقة بين النصوص القانونية والواقع المعيش.
عمال المركز الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة: نموذج للإهمال
يدخل ثلاثة مناضلين (آمنة زويدي، أمال ضفولي، ومحمد الطاهر الورفلي) أسبوعهم الثاني من الإضراب عن الطعام للمطالبة بحقوق أكثر من 1400 عاملة وعامل في مؤسسة تخدم فئة من أكثر الفئات احتياجاً في المجتمع. هؤلاء العمال، الذين من المفترض أن يكونوا جزءاً من منظومة الحماية الاجتماعية، يعيشون حالة من التهميش والإهمال، رغم أنهم يقدمون خدمات جليلة لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة.
التناقض الأكبر: إصلاحات فوقية وأرضية مهشمة
القرار بإلغاء المناولة يأتي في سياق إصلاحي، لكنه لا يلامس معاناة آلاف العمال والمهنيين الذين يعيشون أوضاعاً غير مستقرة:
– الدكاترة المعطلون: مئات الخريجين من الأطباء ينتظرون التعيين منذ سنوات رغم العجز الصارخ في المستشفيات.
– عمال العقود الهشة: آلاف العاملين بعقود مؤقتة أو بدون ضمانات اجتماعية.
– حاملي الشهادات العليا العاطلين: شباب متعلم يعاني البطالة رغم حاجة البلاد إلى كفاءاتهم.
سؤال المرحلة: أي إصلاح نريد؟
الإصلاح الحقيقي لا يكون بإلغاء أنظمة قديمة فقط، بل بوضع سياسات تعالج الأزمات القائمة:
1. حلول عاجلة للعمال المضربين والمهمشين قبل فوات الأوان.
2. ربط التشريعات باحتياجات الأرض عبر حوار شامل مع النقابات والمجتمع المدني.
3. إعادة النظر في أولويات التوظيف في القطاع العام، خاصة في المجالات الحيوية (الصحة، التعليم، الخدمات الاجتماعية).
العدالة الاجتماعية تبدأ بالإنصاف لمن يبنون الوطن يومياً. فهل يكون صوت المهمشين حاضراً في قبة المجلس كما تكون القوانين؟